في عصر الحوسبة التقليدية، اعتقدنا أن السرعة تعتمد فقط على تحسين المعالجات وزيادة عدد الترانزستورات، ولكننا كنّا مخطئين.
مع تصاعد التحديات في مجالات مثل تحليل البيانات الضخمة، محاكاة الجزيئات الكيميائية، والخوارزميات المعقدة، ظهرت الحاجة إلى نموذج جديد تمامًا.
هنا تأتي الحوسبة الكمومية Quantum Computing التي أحدثت ثورة في الطريقة التي تُحل بها المشكلات.
تُعد شريحة Willow من Google إحدى الابتكارات الرائدة في هذا المجال، فهي مصممة لتجاوز القيود الحالية وتحقيق قفزة نوعية في الأداء.
المحاور الرئيسية:
الفرق بين الحوسبة التقليدية والكمومية
1- الحوسبة التقليدية
تعتمد على البيت (Bit) كوحدة أساسية للبيانات، حيث تأخذ قيمتين فقط 0 أو 1 وتقوم المعالجات التقليدية بمعالجة البيانات بشكل خطي ومتسلسل.
2- الحوسبة الكمومية
تعتمد على الكيوبت Qubit، الذي يمكنه أن يكون في حالة 0 أو 1 أو كلتا الحالتين معًا في الوقت نفسه بفضل خاصية التراكب الكمومي Quantum Superposition.
بالإضافة إلى ذلك، تستفيد الكيوبتات من التشابك الكمومي Quantum Entanglement، مما يسمح لها بالتواصل الفوري مع بعضها البعض.
هذا النهج يمنح الحواسيب الكمومية قدرة على معالجة ملايين الحالات المتزامنة، وهو ما يجعلها أسرع بشكل كبير في المشكلات المعقدة.
3- الفرق في الأداء
- في الحواسيب التقليدية، تُعالج العمليات بطريقة خطية، حيث يتم معالجة حالة واحدة في كل خطوة.
- في الحواسيب الكمومية، يمكن معالجة جميع الحالات الممكنة في وقت واحد، مما يجعلها أسرع بشكل هائل عند التعامل مع مشكلات معقدة مثل تحليل البيانات الضخمة، محاكاة الأنظمة الفيزيائية، أو تحسين الأنظمة اللوجستية.
4- التطبيقات التي تبرز السرعة
- تحليل الأعداد الكبيرة باستخدام خوارزمية شور.
- البحث السريع في قواعد البيانات باستخدام خوارزمية جروفر.
- محاكاة الأنظمة الفيزيائية والكيميائية.
يمكن التوسع أكثر عن الموضوع من خلال هذه المقالة.
ركائز سرعة الحوسبة الكمومية
1- التوازي الكمومي Quantum Parallelism
بفضل التراكب الكمومي، يمكن للحاسوب الكمومي معالجة جميع الحالات الممكنة في وقت واحد، مقارنة بالحاسوب التقليدي الذي يعالج حالة واحدة في كل خطوة.
2- التداخل الكمي Quantum Interference
يستخدم الحاسوب الكمومي التداخل الكمي لتقوية الحلول الصحيحة وتخفيف الحلول الخاطئة، مما يُسرع الوصول إلى النتائج.
3- التشابك الكمومي Quantum Entanglement
التشابك يسمح بنقل المعلومات بين الكيوبتات بشكل فوري، مما يقلل من الزمن اللازم لنقل البيانات.
التحديات الرئيسية في الحوسبة الكمومية
على الرغم من الإمكانيات الهائلة، تواجه الحوسبة الكمومية العديد من التحديات:
1- فقدان التماسك Decoherence:
الكيوبتات شديدة الحساسية للضوضاء البيئية، مثل الحرارة أو الإشعاعات الكهرومغناطيسية، مما يؤدي إلى فقدان التماسك وإفساد العمليات الحسابية.
2- الضوضاء الكمومية Quantum Noise:
تؤثر الضوضاء على دقة العمليات وتجعل النتائج غير موثوقة.
3- التداخل بين الكيوبتات Crosstalk:
التفاعل غير المقصود بين الكيوبتات يمكن أن يؤدي إلى أخطاء أثناء العمليات.
4- محدودية زمن التماسك Coherence Time:
الكيوبتات لا تستطيع الاحتفاظ بحالتها الكمومية لفترة طويلة، مما يقيد قدرة النظام على إجراء حسابات معقدة.
شريحة Willow والحلول التي تقدمها
تُعَد رقاقة Willow، أحدث رقاقة كمية من Google Quantum AI، خطوة كبيرة نحو تطوير حاسوب كمي واسع النطاق قادر على تصحيح الأخطاء. اقرأ المدونة وشاهد الفيديو لمعرفة المزيد عن رقاقة Willow وإنجازاتها الرائدة.
هذه الشريحة تأتي في وقت تواجه فيه الحوسبة الكمومية تحديات كبيرة، لكنها تحمل وعودًا بتجاوز القيود للحوسبة الكمومية وتسريع ثورة جديدة في التكنولوجيا.
فكيف تسهم شريحة Willow في مواجهة هذه التحديات؟ هذا ما سنكتشفه معًا.
1- تحسين تصميم الكيوبتات
شريحة Willow تتميز بتصميم مُحسّن للكيوبتات يجعلها أكثر استقرارًا وأقل عرضة لفقدان التماسك. يساعد هذا التصميم في تقليل الأخطاء وزيادة دقة العمليات.
2- تقنيات التبريد العميق
تعتمد الشريحة على نظام تبريد فائق يقلل من تأثير الضوضاء الحرارية، مما يعزز استقرار الكيوبتات.
3- تصحيح الأخطاء الكمومية Quantum Error Correction
تستخدم الشريحة كيوبتات إضافية لتصحيح الأخطاء أثناء العمليات الحسابية، مما يجعل النتائج أكثر دقة.
4- تقليل التداخل Crosstalk
التصميم الهندسي للشريحة يقلل من تأثير التداخل بين الكيوبتات، مما يسمح بمعالجة أكثر كفاءة.
5- تعزيز زمن التماسك
تم تحسين الشريحة لزيادة فترة بقاء الكيوبتات في حالتها الكمومية، مما يتيح إجراء حسابات أكثر تعقيدًا.
أين تُستخدم شريحة Willow اليوم؟
1- في البحث العلمي
تُستخدم الشريحة في مختبرات Google لتطوير تقنيات جديدة مثل تصحيح الأخطاء الكمومية وزيادة استقرار الكيوبتات.
2- في التطبيقات التجريبية
- محاكاة الجزيئات الكيميائية: لتحسين تصميم الأدوية.
- مشاكل التحسين: في الخدمات اللوجستية وتحليل البيانات الضخمة.
3- القيود الحالية
الشريحة ليست جاهزة بعد للاستخدام التجاري العام، وتقتصر حاليًا على التطبيقات البحثية والتجريبية.
موقع شريحة Willow داخل الحاسوب الكمومي
شريحة Willow تُعتبر وحدة معالجة كمومية Quantum Processing Unit – QPU داخل الحاسوب الكمومي.
تعمل بالتنسيق مع:
- أنظمة التبريد: للحفاظ على استقرار الكيوبتات.
- أنظمة التحكم: لإرسال النبضات اللازمة لتشغيل البوابات الكمومية.
- أنظمة القياس: لقراءة نتائج العمليات.
ما هو معيار قياس الأداء RCS Benchmark؟
معيار أخذ العينات من الدوائر العشوائية أو بالإنكليزية Random Circuit Sampling (RCS) هو معيار يُستخدم في الحوسبة الكمومية لقياس أداء الحواسيب الكمومية من خلال اختبار قدرتها على تنفيذ عمليات معقدة لا يمكن للحواسيب التقليدية القيام بها بكفاءة.
الهدف من هذا المعيار هو تحديد مدى تفوق الحاسوب الكمومي في حل مشكلات معينة مقارنة بالحاسوب التقليدي.
كيف يعمل RCS؟
- إنشاء دوائر عشوائية Random Circuits: يتم تصميم دائرة كمومية تتكون من كيوبتات متصلة ببعضها البعض، وتُنفذ فيها مجموعة من البوابات الكمومية العشوائية. هذه البوابات تقوم بتغيير حالات الكيوبتات بطرق معقدة تجعل التنبؤ بالنتيجة أمرًا صعبًا للغاية.
- تنفيذ الحسابات: الحاسوب الكمومي يقوم بتشغيل هذه الدوائر العشوائية لعدة مرات، مما ينتج عنه توزيع احتمالي لحالات الكيوبتات.
- مقارنة النتائج: يتم مقارنة النتائج التي ينتجها الحاسوب الكمومي مع توزيع النتائج المتوقعة رياضيًا. إذا تطابقت النتائج بدرجة كبيرة، فهذا يشير إلى أن الحاسوب الكمومي قادر على التعامل مع هذه الدوائر العشوائية بكفاءة.
لماذا RCS مهم؟
يعتبر مهم جداً لأنه اختبار قوة الحواسيب الكمومية من خلال: كونه
- معيار يمثل اختبارًا لأداء الحواسيب الكمومية في المهام التي تكون معقدة للغاية للحواسيب التقليدية.
- التأكيد على التفوق الكمومي Quantum Supremacy حيث يعتبر تحقيق RCS بكفاءة دليلًا على قدرة الحواسيب الكمومية على أداء مهام لا يمكن للحواسيب التقليدية تنفيذها في وقت معقول.
أداء شريحة Willow مع معيار الـ RCS
بحسب المقالة من غوغل تم استخدام معيار RCS لاختبار شريحة Willow الجديدة فأثبتت الشريحة قدرتها على تنفيذ عمليات كمومية معقدة، مما يعزز موقعها كأحد الابتكارات الرائدة في الحوسبة الكمومية.
إن أداء Willow على هذا المعيار مذهل، فقد أجرى عملية حسابية في أقل من خمس دقائق والتي قد تستغرق أحد أسرع أجهزة الكمبيوتر العملاقة اليوم 10,000,000,000,000,000,000,000,000 سنة.
يتجاوز هذا الرقم المذهل المقاييس الزمنية المعروفة في الفيزياء ويتجاوز عمر الكون بشكل كبير.
وبحسب مقالة غوغل, تم تصنيع شريحة Willow في منشأة تصنيع حديثة ومتخصصة في سانتا باربرا، وهي واحدة من المنشآت القليلة عالميًا التي صُممت خصيصًا لهذا الغرض.
يركز تصميم الشريحة على الأداء المتكامل لجميع المكونات، مثل البوابات الكمومية أحادية وثنائية الكيوبت، وإعادة تعيين الكيوبتات، وقراءة النتائج.
أي خلل في أحد المكونات قد يؤدي إلى تقليل أداء النظام ككل.
لتحقيق أقصى كفاءة، يتم توجيه جميع مراحل التصميم والتصنيع والمعايرة نحو تحسين الأداء العام.
الشريحة تحتوي على 105 كيوبتات وتتميز بأفضل أداء في فئتها وفقًا لمعايير مثل تصحيح الأخطاء الكمومية ومعيار أخذ العينات من الدوائر العشوائية RCS.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الشريحة تحسينًا كبيرًا في زمن T1، الذي يقيس مدة احتفاظ الكيوبت بحالته، حيث وصل إلى 100 ميكروثانية، وهو تحسن بمقدار 5 أضعاف مقارنة بالجيل السابق من الشرائح.
الخطوة التالية مع شريحة Willow
بحسب ما أوردته المقالة, فإن التحدي القادم في مجال الحوسبة الكمومية هو تحقيق أول عملية حسابية “ذات فائدة تتجاوز الحوسبة التقليدية” باستخدام الشرائح الكمومية الحالية، بحيث تكون ذات صلة بتطبيق عملي في العالم الحقيقي.
حتى الآن، هناك نوعان من التجارب التي أُجريت: الأول هو اختبار معيار أخذ العينات من الدوائر العشوائية RCS، الذي يقيس الأداء مقارنة بالحواسيب التقليدية، ولكنه لا يمتلك تطبيقات عملية معروفة.
والثاني يشمل محاكاة أنظمة كمومية، وهي تجارب علمية أفضت إلى اكتشافات جديدة لكنها لا تزال ممكنة باستخدام الحواسيب التقليدية.
الهدف النهائي هو الجمع بين هذين الجانبين: تنفيذ خوارزميات تتجاوز قدرة الحواسيب التقليدية وتكون ذات فائدة عملية ومجدية تجاريًا.
أماكن محتملة لتدخل الذكاء الاصطناعي في هذه الشريحة
المقالة الأصلية لم تذكر بشكل صريح استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير أو تشغيل شريحة Willow، ولكن الاستنتاج بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون جزءًا من العملية يعتمد على المعرفة العامة بمجال الحوسبة الكمومية وتطورها.
ولا ننس انها أهم إنجاز حالياً لمشروع Google Quantum AI.
نتوقع ونستشف أن الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا مهمًا في تطوير وتشغيل شريحة Willow، ولكن ليس بشكل مباشر في تصميم الكيوبتات نفسها، بل في تحسين العمليات المرتبطة بالحوسبة الكمومية وتحقيق أفضل أداء للنظام.
هنا أهم المفاصل لتدخل الذكاء الاصطناعي في هذه الشريحة:
1- تحسين المعايرة والتشغيل
- التحدي: الشريحة الكمومية تتطلب عمليات ضبط دقيقة للغاية للكيوبتات والبوابات الكمومية لتحقيق الأداء الأمثل.
- دور الذكاء الاصطناعي: تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتسريع عمليات المعايرة واختيار الإعدادات المثالية لكل كيوبت. ويمكن للذكاء الاصطناعي تحليل النتائج التجريبية وتحديد المشاكل بدقة أعلى مما قد يفعله البشر.
2- تصحيح الأخطاء الكمومية Quantum Error Correction
- التحدي: الأخطاء في الحوسبة الكمومية معقدة جدًا بسبب الضوضاء والتداخلات.
- دور الذكاء الاصطناعي: خوارزميات التعلم الآلي Machine Learning تُستخدم لتحليل بيانات الأخطاء بشكل فوري واقتراح تصحيحات فعالة. والذكاء الاصطناعي يساعد في تحسين استراتيجيات تصحيح الأخطاء بناءً على الأنماط المكتشفة أثناء تشغيل الشريحة.
3- تحسين التوازي الكمومي Quantum Parallelism
- التحدي: التوازي الكمومي يمكن أن يولد بيانات معقدة جدًا يصعب تحليلها باستخدام الأساليب التقليدية.
- دور الذكاء الاصطناعي: تُستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم وتحسين كيفية عمل التوازي الكمومي وتحقيق أقصى استفادة من إمكانيات الشريحة.
4- المساهمة في تصميم الدوائر الكمومية
- التحدي: تصميم دوائر كمومية عشوائية Random Circuits يتطلب اختيارًا دقيقًا للبوابات الكمومية وترتيبها لتحسين الأداء.
- دور الذكاء الاصطناعي: يساعد الذكاء الاصطناعي في اختبار الملايين من تكوينات الدوائر الكمومية واختيار التكوين الأفضل بناءً على الأداء المتوقع.
5- تحليل البيانات الناتجة عن العمليات الكمومية
- التحدي: معالجة وفهم البيانات الناتجة عن تشغيل الشريحة الكمومية، خاصة عند التعامل مع معايير مثل RCS.
- دور الذكاء الاصطناعي: تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل النتائج واستخلاص الأنماط التي قد لا تكون واضحة باستخدام الأساليب التقليدية. ويمكن لهذه الأدوات تحسين استراتيجيات التصميم والاختبار المستقبلية.
6- التنبؤ بالتحسينات المستقبلية
الذكاء الاصطناعي يُستخدم لتوقع النتائج المحتملة للتغييرات في التصميم أو الإعدادات. يمكنه محاكاة تأثيرات إضافة ميزات جديدة أو تحسين المكونات.
7- هل الذكاء الاصطناعي جزء من تشغيل الشريحة؟
- الذكاء الاصطناعي ليس جزءًا من العمليات الكمومية الأساسية التي تنفذها الشريحة، ولكنه يعمل كأداة مساعدة لتطوير الشريحة وتحسين أدائها.
- الحوسبة الكمومية نفسها تعتمد على المبادئ الفيزيائية، لكن الذكاء الاصطناعي يسهل الوصول إلى أداء أعلى وأكثر استقرارًا.
8- خلاصة حول دور الذكاء الاصطناعي
يتدخل الذكاء الاصطناعي في شريحة Willow لدعم عمليات التطوير والمعايرة وتحليل البيانات. دوره أساسي لتحسين الأداء وتقليل الأخطاء الكمومية، مما يجعل الحوسبة الكمومية أكثر كفاءة وفعالية.
الخلاصة
شريحة Willow من Google تمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق الإمكانيات الكاملة للحوسبة الكمومية.
من خلال تحسين تصميم الكيوبتات، تقنيات تصحيح الأخطاء، والتبريد الفائق، تُظهر الشريحة قدرة على تقليل الأخطاء وزيادة الاستقرار، مما يجعلها حجر الزاوية في المستقبل الواعد للحوسبة الكمومية.
ومع ذلك، ما زال هناك طريق طويل للوصول إلى أنظمة قابلة للاستخدام التجاري العام، مما يجعل الأبحاث المستمرة ضرورية لتحقيق هذه القفزة النوعية.