المحاور الرئيسية:
ما معني روبوت بشري Humanoid Robot؟
في الآونة الأخيرة كثرة الأخبار التقنية حول الروبوتات البشرية Humanoid Robots ولكن ماهي بالتحديد ولماذا هي بشرية.
من ناحية التعريف فهي نوع من الروبوتات مصممة لتشبه الإنسان في الشكل والحركة، مما يسمح لها بالتفاعل والتنقل في البيئات المخصصة للبشر بشمل سلس نوعاً ما بحسب درجة تطورها.
أي هي جاهزة للعمل والتحرك والتفاعل في بيئة مفتوحة ومهام متنوعة حالها حال البشر تماماً.
هنالك تحدي كبير يكمن في تقنياتها، فهي ليست فقط ذكية، بل هي قادرة على الحركة والاستشعار وهذا يخلق تحدي لدمج علم الروبوتات مع الذكاء الاصطناعي الذي شرحناه مسبقاً في مقالة سابقة.
بفضل التطورات في الذكاء الاصطناعي AI والمشغلات الكهروميكانيكية Electromechanical Actuators، يمكن لهذه الروبوتات أداء مجموعة واسعة من المهام.
لماذا نسعى لروبوتات شكلها بشري أصلاً وليس شكلاً آخر؟

وهذا سؤال قد يراودنا جميعاً، هل نحن نوقف الابتكار عندما نحد أنفسنا بتصميمات تحاكي البشر؟
الجواب لا, فالسعي لمحاكاة البشر في تصميم الروبوتات البشرية له أسباب وجيهة، وهو لا يُعد تقييدًا للابتكار، بل يُمثل استراتيجية هادفة لجعل الروبوتات أكثر فاعلية وفائدة في البيئات المخصصة للبشر.
وأهم الأسباب التي تجعل من محاكاة البشر هدفًا أساسيًا لتطوير الروبوتات:
1- التكيف مع بيئاتنا المصممة للبشر:
العالم من حولنا أصلاً مبني ليخدم طريقة عيش البشر, مثل المنازل، المصانع، المكاتب فهي صُممت لتناسب الحجم والشكل البشري.
وبالتالي فإنه من المنطقي خلق روبوتات تشبه البشر بحيث يمكنها التنقل بسهولة في هذه البيئات واستخدام الأدوات والمرافق المخصصة للبشر.
2- القدرة على استخدام الأدوات البشرية:
الكثير من الأدوات والآلات مصممة للاستخدام البشري، سواء كانت في المصانع أو المستشفيات أو حتى في المنازل، الروبوتات البشرية، بفضل تصميمها الذي يحاكي الأطراف البشرية، يمكنها استخدام الأدوات نفسها.
3- تحسين التفاعل مع البشر:
الروبوتات البشرية تُصمم بحيث تكون قادرة على التفاعل الاجتماعي بشكل أفضل مع البشر، من خلال استخدام لغة الجسد، تعابير الوجه، والتواصل العيني.
4- تعزيز السلامة والفهم:
الروبوتات البشرية تُصمم لتكون مألوفة للبشر، مما يقلل من احتمالات سوء الفهم أو التصادم أثناء التفاعل معها.
أهم ميزات الروبوتات البشرية

- الشكل البشري: تتضمن تصميمًا يشبه الجسم البشري مع وجود الرأس والجذع والأطراف، مما يسهل عليها التعامل مع الأدوات والأشياء الموجودة في البيئات البشرية.
- الحركة متعددة المحاور: بفضل المفاصل الميكانيكية، يمكنها المشي، الجري، وحتى التعامل مع أشياء مختلفة الأحجام والأوزان.
- التفاعل الذكي: تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لفهم البيئة المحيطة والتفاعل مع الأشخاص من خلال معالجة اللغة الطبيعية Natural Language Processing والتعرف على الوجوه Facial Recognition.
- القدرة على التعلم والتكيف: بفضل التعلم الآلي Machine Learning، يمكن للروبوتات تحسين أدائها مع مرور الوقت بناءً على التغذية الراجعة والبيانات المستلمة من أجهزة الاستشعار.
ما هي أشهر الشركات التي تعمل على الروبوتات البشرية؟
العديد من الشركات الرائدة تعمل على تطوير الروبوتات البشرية بهدف تقديم حلول فعالة للأتمتة والتفاعل الإنساني:
- شركة بوستن داينمك Boston Dynamics: الشركة معروفة بروبوتها Atlas، الذي يُظهر قدرات مذهلة على الحركة، بما في ذلك الركض والقفز والتوازن.
- هوندا Honda: طورت روبوتها ASIMO، الذي يُعد من أوائل الروبوتات البشرية القادرة على التفاعل مع البيئة وأداء مهام بسيطة.
- سوفت بانك SoftBank Robotics: الشركة اليابانية التي طورت روبوت Pepper، الذي يتميز بقدرته على التفاعل الاجتماعي والحديث مع الأشخاص في بيئات مثل الفنادق والمطاعم.
- تسلا Tesla: دخلت سوق الروبوتات البشرية مؤخرًا مع روبوت Optimus، الذي يتميز بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة والتصميم الاقتصادي.
كيف تبدو ملامح هذا السوق؟
اعتمادا على الكثير من المصادر (أحد المراجع) فإن سوق الروبوتات البشرية Humanoid Robot Market يُعتبر من الأسواق الناشئة والواعدة، حيث يُتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب CAGR يزيد عن 20% خلال العقد المقبل.
الطلب المتزايد على الأتمتة في الصناعات المختلفة، وتزايد احتياجات الرعاية الصحية، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي، جميعها عوامل تدعم نمو هذا السوق.
السوق يشمل العديد من التطبيقات:
- الأتمتة الصناعية: لتسريع العمليات وتقليل الاعتماد على العمالة البشرية في المهام المتكررة.
- الرعاية الصحية: لدعم كبار السن والمساعدة في العمليات الجراحية المعقدة.
- الخدمات اللوجستية: لتنفيذ المهام اللوجستية وتحسين كفاءة نقل البضائع.
- الترفيه والضيافة: لتقديم تجارب تفاعلية في المتاحف، الفنادق، والمطاعم.
- الصناعات الدفاعية: وهي لا تذكر عادة ولكننا نعلم أن التقنيات هي في الصف الأول في الحروب لكل الدول.
حالة مدروسة: روبوت أوبتيموس

أوبتموس Optimus: هو روبوت بشري متقدم طورته شركة تسلا هدف الروبوت إلى توفير حلول أتمتة مرنة وفعالة للشركات والأفراد.
الشركة أصلاً تمتلك تقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار المتطورة، وبالتالي قدّمت لنا أوبتيموس الذي يستطيع أداء مهام مثل حمل الأشياء، التنقل في المساحات المعقدة، وحتى التفاعل مع الأشخاص.
ما هي ميزات أوبتيموس أمام منافسيه؟
- التكلفة الاقتصادية: تسعى تسلا لإنتاج أوبتيموس بتكلفة معقولة أقل من 20,000 دولار، مما يجعله أكثر تنافسية.
- القدرة على التكيف: بفضل الذكاء الاصطناعي المتقدم، يستطيع أوبتيموس التعلم والتكيف بسرعة مع البيئات الجديدة.
- تكنولوجيا القيادة الذاتية: يستخدم نفس النظام الذكي المستخدم في سيارات تسلا، مما يجعله أكثر دقة وكفاءة في اتخاذ القرارات.
ما هي المهام التي يقوم بها أوبتموس؟
- نقل الصناديق والبضائع من مكان لآخر.
- تجميع القطع أو ترتيب المواد على خطوط الإنتاج.
- رفع الأشياء الثقيلة التي قد تكون خطرة أو مرهقة للعمال البشريين.
- التغليف والتعبئة في المستودعات.
- التنظيف حيث يمكن استخدام أوبتيموس في عمليات التنظيف في البيئات الصناعية والمكاتب, أيضاً تنظيف الأرضيات أو جمع القمامة.
- الصيانة أي يمكنه أداء مهام الصيانة الأساسية، مثل فحص المعدات أو تغيير القطع البسيطة.
- أمور أخرى قد تنطوي تحت البنود السابقة لأغراض مختلفة.
ما هي مواصفات أوبتموس الفنية؟
روبوت أوبتيموس من تسلا مُصمم لأداء مجموعة متنوعة من المهام البشرية بفضل مواصفاته الفنية المتقدمة:
- الطول: 173 سنتيمترًا.
- الوزن: 57 كجم.
- المفاصل: 40مفصلًا كهروميكانيكيًا، تمنحه حركة سلسة ومرونة عالية.
- البطارية: سعة 2.3 كيلوواط ساعة، توفر طاقة كافية للمهام اليومية.
- المعالج: مجموعة شرائح تسلا المتقدمة، تدعم قدرات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
- الاتصال: دعم لشبكات Wi-Fi وLTE، مما يتيح التواصل السريع مع الأجهزة الأخرى.
- الحركة: سرعة مشي تصل إلى 5 كيلومترات في الساعة، مع إمكانية صعود السلالم والتعامل مع التضاريس المختلفة.
- التحميل: قدرة على حمل أوزان تصل إلى 20 كجم، مما يجعله مفيدًا في مهام النقل واللوجستيات.
- التفاعل: مزود بميكروفونات وسماعات، لتمكينه من التفاعل الصوتي مع المستخدمين وتقديم استجابات مناسبة.
ماذا يلزم من أبحاث وتطوير لبناء شركة متخصصة بالروبوتات البشرية؟
لعل التفكير بإطلاق شركة ناشئة بتمويل حكومي أو شبه حكومي سيكون امراً ممتازة للسيطرة المبكرة على السوق المحلية للروبوتات البشرية قبل دخول اللاعبين الكبار, ومن اهم التطويرات اللازمة لذلك نذكر:
- تطوير الذكاء الاصطناعي: يجب أن تستثمر الشركة في بناء أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على معالجة البيانات واتخاذ القرارات في الوقت الفعلي.
- تصميم المشغلات والمفاصل المتقدمة: يجب تطوير مشغلات ومفاصل تسمح بحركات سلسة وواقعية تشبه الحركة البشرية.
- أنظمة التوازن والتحكم: يحتاج الروبوت إلى أنظمة متقدمة للحفاظ على التوازن أثناء التنقل والتفاعل مع البيئة، وهذا موضوع هندسي معقد وليس هين أبداً ولا يقل أهمية عن الذكاء الاصطناعي.
- اختبارات السلامة والاعتمادية: يجب على الشركة إجراء اختبارات مكثفة لضمان سلامة الروبوت واعتماديته في مختلف الظروف.
- البنية التحتية للتصنيع: يجب أن تمتلك الشركة بنية تحتية قوية لتصنيع الروبوتات البشرية بكميات كبيرة وبتكلفة معقولة.
- التمويل: وهو ما سيدعم وجوده وجود ما سبق من تحديات عن طريق توظيف الخبراء والمتخصصين.
الخلاصة
الروبوتات البشرية تمثل مستقبل الأتمتة الذكية، وحجم استثمارات هائلة يتم ضخها الآن لضمان السيطرة المستقبلية عليها.
الموضوع ليس سهلا ويشمل دمج العديد من العلوم، ولكنها تعتبر صناعة أساسية في حياة المستقبل وليست ترفاً للدول.
الشركات الكبيرة اليوم تتنافس للوصول للشكل والأداء والسعر الأفضل حتى تستطيع اختراق الأسواق بأسرع ما يمكن وتخلق العادة والاعتمادية عند البشر وبالتالي يجب أن نتوقع مشاكل الخصوصية الكبيرة قادمة على الطريق.