هل المستقبل الطبي مشرق مع تطور الذكاء الاصطناعي كما يدّعون؟ وما هو دوره اليوم؟
في يومنا هذا، نرى أن الذكاء الاصطناعي يسهم في تحسين تشخيص الأمراض وتبسيط العمليات الإدارية، وتحسين جودة الرعاية الصحية وخفض التكاليف.
ولذلك ففي مقالتنا هذه، سنستعرض الحاضر والمستقبل للذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي مع التركيز على التطبيقات الحالية والتوقّعات المستقبلية.
المحاور الرئيسية:
التطبيقات الحالية للذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي
سنستعرض هنا أهم المحاور وهي:
- التشخيص الطبي (Medical Diagnosis).
- تحسين العمليات الإدارية (Administrative Process Improvement).
- الاكتشاف الدوائي (Drug Discovery).
لنبدأ بشرحهم مع أمثلة بسيطة داعمة.
التشخيص الطبي (Medical Diagnosis)
حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الطبية مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي للكشف عن الأمراض مثل السرطان وأمراض القلب.
مثال:
تساهم تقنيات مثل MedLM من Google في تحسين دقة التشخيص من خلال تحليل بيانات المرضى بشكل أسرع وأكثر دقة.
تحسين العمليات الإدارية (Administrative Process Improvement)
وهنا يستخدم الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام الإدارية الروتينية مثل إدارة السجلات الطبية والفواتير وغيرها.
مثال:
تعتمد العديد من المستشفيات على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقليل العبء الإداري على الموظفين، مما يسمح لهم بالتركيز أكثر على رعاية المرضى مع إمكانية استقبال وتخديم عدد أعلى.
الإكتشاف الدوائي (Drug Discovery)
يستخدم الذكاء الاصطناعي لتسريع عملية اكتشاف الأدوية الجديدة من خلال تحليل البيانات البيولوجية والكيميائية الضخمة بكفاءة عالية وسرعة ونتائج دقيقة.
مثال:
تعاونت شركة Sanofi مع BioMap لاستخدام منصتها المستندة إلى الذكاء الاصطناعي لتسريع عملية اكتشاف الأدوية الجديدة.
التوقعات المستقبلية للذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي
هنالك العديد من الأوراق البحثية عن التوقعات المستقبلية في هذا القطاع، سنركز هنا على أكثرها ذكراً و رواجاً وهي:
- الرعاية المنزلية والمراقبة عن بعد (Home Care and Remote Monitoring).
- أثر الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI).
- التحول إلى الرعاية الوقائية (Preventative Care).
لنأخذ شرح بسيط لكل منهم على حدا.
الرعاية المنزلية والمراقبة عن بعد (Home Care and Remote Monitoring)
كشف تقرير من ماكينزي مشترك مع الاتحاد الأوربي عن شكل التغيير القادم في القطاع الصحي بدعم الذكاء الاصطناعي الذي أصبح ضرورة لحل المشاكل المحتمل وقوعها مستقبلاً.
ونرى هنا بوضوح استمرار الذكاء الاصطناعي في دعم الانتقال من الرعاية في المستشفيات إلى الرعاية المنزلية من خلال أنظمة المراقبة عن بعد والمساعدات الافتراضية.
حيث إن السنوات القادمة ستشهد زيادة في استخدام الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي لمراقبة حالة المرضى في المنزل وتقديم تحذيرات مبكّرة للرعاية الطارئة.
أثر الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI)
خلال عام واحد 2023 تضاعفت عدد المنشورات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاع الصحي عشرات المرات بحسب التقرير الذي أورده موقع Bain & Company.
وهنا نرى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AI سيلعب دورًا رئيسيًا في تحسين دقة التشخيص وزيادة رضا المرضى من خلال توليد بيانات تدريب تحاكي البيانات الطبية الحقيقية.
فمن المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين عملية تدريب النماذج الطبية وزيادة دقتها في التنبؤ بالمشكلات الصحية المستقبلية.
على سبيل المثال، تتعاون Philips مع Amazon Web Services لتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز معالجة صور PACS الخاصة بالشركة وتعزيز سير عمل الأشعة، كجزء من جهود الذكاء الاصطناعي الأوسع في التشخيص والعلاج والرعاية المتصلة والصحة الشخصية.
التحول إلى الرعاية الوقائية (Preventative Care)
هل يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للوقاية من الأمراض قبل حدوثها؟
من الناحية النظرية الإجابة نعم، الأمر يعتمد على جمع البيانات الحالية ومراقبة التغيرات الحاصلة عند البشر والبيئة المحيطة ومن ثم التنبؤ بما هو قادم.
وبالتالي سيساهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز الرعاية الوقائية من خلال تحليل البيانات الصحية للتنبؤ بالأمراض قبل حدوثها.
ستعتمد الأنظمة الصحية بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الوراثية والتاريخ الطبي للمرضى لتقديم توصيات مخصصة للحفاظ على الصحة.
التحديات لتطور هذا القطاع
- الخصوصية والأمان (Privacy and Security):
لا شك أنها من أكبر التحديات لكل الصناعات المعتمدة على البيانات الشخصية الرقمية.
فحماية البيانات الصحية الحساسة من التهديدات السيبرانية هو تحدي يتصاعد مع الوقت. - التكامل مع الأنظمة الحالية (Integration with Existing Systems):
ضمان التكامل السلس للذكاء الاصطناعي مع الأنظمة الصحية القائمة دون تعطيل العمليات اليومية.
فاستبدال أنظمة كبيرة ومكلفة بالكامل هو أمر غير ممكن، التكامل معها هو الحل وهو تحدي في آن واحد. - التقبل المجتمعي (Public Acceptance):
بناء الثقة بين المرضى والممارسين الطبيين في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
فكلا الطرفين من مرضى وممارسين يحتاجون وقت جيد للثقة في التوصيات التي قد يقدمها الذكاء الاصطناعي ولا سيما الحرجة منها، إضافة إلى الثقة في الممارسين المستخدمين للذكاء الاصطناعي.
الفرص المتاحة
- تحسين جودة الرعاية (Improving Care Quality): استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة التشخيص وتقديم خطط علاجية مخصصة.
- تقليل التكاليف (Cost Reduction): تقليل التكاليف الإدارية والتشغيلية من خلال الأتمتة وتحسين كفاءة العمليات.
- التعليم الطبي (Medical Education): استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين التعليم الطبي وتدريب الأطباء على أحدث التطورات في الرعاية الصحية.
الخاتمة
الذكاء الاصطناعي يمتلك القدرة على إحداث تحول جذري في القطاع الطبي، هذا أمر واقع وبدأ بالفعل منذ سنوات ولكنه يتعزز بتسارع كبير ويعزز من جودة الرعاية الصحية ويقلل من التكاليف.
يمكن تبني هذه التقنيات أو العكوف على تطويرها لمواكبة التطورات المتسارعة وتمكين النظام الصحي لتقديم رعاية أكثر كفاءة ودقة للمجتمعات.